لا يخفى على أحد أن جائحة انتشار فيروس كورونا كوفيد 19 ساهمت في تحول جذري أشبه بالثورة في قطاعات كبيرة، اقتصادية، وصناعية، وتعليمية، وطبية، اعتمدت بشكل أساسي على تطوير بنيتها التحتية حتى تتوافق مع آليات العمل عن بعد.
وخلقت فترة التباعد الاجتماعي التي لجأت فيها حكومات العالم لفرض حظر التجوال في كافة المدن، والتشديد من الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي الفيروس المستجد، طفرة في تعامل الحكومات والشعوب مع التطور التكنولوجي الذي يعيشه البشر.
فمثلا نجد أن قطاع التعليم بكامله تحول في دول كانت لا تعتمد أبدا على شبكة الإنترنت، ولم تهتم قط بتطوير بنيتها التحتية لتتماشى مع الثورة التكنولوجية، إلى التعليم عن بعد، وهكذا صارت كل القطاعات الحيوية، واليوم نجد ثورة فعلية في عالم الطب والرعاية الصحية.
التطبيب عن بعد ثورة تكنولوجية في قطاع الرعاية الصحية
الثورة التكنولوجية في قطاع الرعاية الصحية ظهرت ذروتها عندما تم دمج التطبيب عن بعد بشكل متزايد في إدارة الأمراض المزمنة من خلال مراقبة المريض عن بعد والتشاور معه، لا سيما أثناء جائحة COVID-19، وتجلى هذا التطور في رعاية المرضى بحالات صحية كانت تصنف في الماضي بالخطرة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية ومراقبة السكتة الدماغية عن بعد.
لكن يظل السؤال الأبرز الذي يدور في ذهن غالبية الناس، ما هي فعالية التطبيب عن بعد خاصة في الحالات المرضية الصعبة، مثل السكتات الدماغية، وغيرها من الأمراض المزمنة، وماهية التطبيب عن بعد وكيف يتم رعاية المريض؟.
ما هي فائدة التطبيب عن بعد في الحالات المرضية؟
إن التطبيب عن بعد يعتمد بشكل أساسي على استخدام وتطويع التطور التكولوجي في متابعة الأطباء لحالات المرضى أون لاين، وإجراء الاستشارة الطبية عن بعد، مما يقلل من دخول المستشفى للمرضى الذين يعانون من الأمراض المزمنة على المدى القصير، كما يقلل من مخاطر الوفاة بسبب تدهور الحالة الصحية بشكل مفاجئ.
على سبيل المثال إن التطبيب عن بعد للسكتة الدماغية هو طريقة استشارية، يعوض فيها مرضى السكتة الدماغية القصور الذي قد يواجهوه عند الذهاب إلى المستشفيات الغير متوفر بها الخدمات الكافية، وتوفر للمريض فرص الحصول على المتابعة مع الخبراء بشكل يسير لإدارة بروتوكولات العلاج.
مؤشرات نمو برامج التطبيب عن بعد للسكتة الدماغية
نشرت بيزنس واير الأمريكية المختصة بإعداد البيانات المتكاملة، تقريرا حول تحليل نمو سوق خدمات التطبيب عن بعد للسكتة الدماغية في 2022 والمستقبل الذي ينتظره، وبحسب التقرير من المتوقع أن ينمو سوق خدمات السكتة الدماغية عن بعد من 1،546.79 مليون دولار أمريكي في عام 2022 إلى 4،672.23 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2028، أي أن معدل النمو السنوي سيكون بشكل مركب قدره 20.2٪ من 2022 إلى 2028.
وذكر التقرير أن الانتشار المتزايد لحالات السكتة الدماغية، وارتفاع حجم المرضى الذين يعانون من اضطرابات القلب، يعززان نمو سوق خدمات السكتة الدماغية عن بعد.
بالإضافة إلى ذلك ، من المرجح أن تبرز التطورات التكنولوجية المتزايدة كإتجاه مستقبلي مهم في سوق الخدمات عن بعد من 2022 إلى 2028. ومع ذلك، فإن عدم الوعي بالسكتات الدماغية يعيق نمو السوق بشكل عام.
وأكد أن ضمن مميزات الاعتماد على برامج التطبيب عن بعد للسكتة الدماغية، هو أنها توفر عنصر الوقت الذي يحسم كثيرا من الحالات الطارئة، فمن المعروف أن عنصر الوقت في علاج السكتة الدماغية يعتبر حرجًا للغاية، ولك أن تعلم عزيزي القاريء أن المرضى الذين تلقوا العلاج في غضون 90 دقيقة من السكتة الدماغية تقل لديهم مخاطر تلف الدماغ الدائم أو الوفاة.
لهذا السبب تفيد خدمات السكتة الدماغية عن بعد المرضى في المناطق البعيدة والنائية عن المستشفيات، كما أنها تتجاوز عقبة الخدمة الطبية السيئة في بعض المستشفيات، وتجتاز أيضا أزمة كبيرة متكررة في كثير من بلدان العالم تتمثل في قلة عدد دكاترة وأخصائي الرعاية الصحية الخاصة بالأعصاب.
خدمات السكتة الدماغية فئة فرعية من برامج التطبيب عن بعد التي تهدف إلى تقديم كافة الاستشارات الطبية، حيث يمكن للأطباء المختصين في مجال أمراض العصبية التحدث وطرح الأسئلة ومراقبة المريض في الوقت الفعلي لإجراء التشخيص.
كما يربط البرنامج أطباء الأعصاب ذوي الخبرة مع مراكز طب الأعصاب بالعديد من مستشفيات الطوارئ البعيدة، بهدف تقديم استشارات عبر الإنترنت لإدارة المرضى الذين يعانون من أعراض السكتة الدماغية بكفاءة باستخدام تكنولوجيا التطبيب عن بعد ومراقبة المريض عن بُعد.
وبسبب هذه المميزات بدأت أنظمة الرعاية الصحية في مختلف البلدان المتقدمة والنامية الاعتماد على خدمات السكتة الدماغية عن بعد في إنقاذ الأرواح، من خلال استغلال التطور التكنولوجي للإسراع في تشخيص وعلاج ضحايا السكتة الدماغية، لذلك تعتبر الخدمة الأكثر شهرة ضمن برنامج التطبيب عن بعد عامة.