٩صنّفت منظمة الصحة العالمية السمنة كوباء عالمي سنة 1997، فهي ليست مجرد مشكلة وزن زائد، بل مرض معقد يترك آثاره على صحة الإنسان الجسدية، ويمتد تأثيره ليشمل الجوانب النفسية والاجتماعية أيضًا. ويظهر هذا التأثير بشكل أوضح عند الأطفال، حيث أن سمنة الأطفال ليست مجرد زيادة في الوزن، بل هي حالة صحية معقدة قد تضع الطفل على مسار طويل من التحديات الصحية والنفسية إذا لم يتم التدخل مبكرًا.
كيف يتم تشخيص سمنة الأطفال؟
قد يخلط البعض بين الزيادة الطبيعية في الوزن خلال مراحل النمو وبين سمنة الأطفال. هنا يأتي دور مؤشر كتلة الجسم (BMI) المعدل حسب العمر والجنس. فإذا تجاوز الطفل النسبة المئوية 95 في هذا المؤشر، فإن التشخيص يكون واضحًا بوجود سمنة مرضية تستلزم التدخل. هذا التشخيص المبكر يساعد الأسر على البدء في رحلة العلاج قبل أن تتفاقم المضاعفات الصحية.
أسباب سمنة الأطفال
لا تحدث سمنة الأطفال بشكل عشوائي، بل هناك عدة عوامل مترابطة تؤدي إليها:
- النظام الغذائي غير الصحي: الإفراط في تناول الوجبات السريعة، المشروبات الغازية، والحلويات من أبرز الأسباب.
- الخمول وقلة النشاط البدني: قضاء ساعات طويلة أمام الشاشات على حساب النشاط الحركي اليومي.
- العوامل الوراثية والهرمونية: بعض الأطفال لديهم استعداد وراثي يجعلهم أكثر عرضة لزيادة الوزن.
- العوامل النفسية والسلوكية: مثل الأكل العاطفي عند التعرض للضغط أو التوتر، أو غياب التوعية الغذائية من الأسرة.
أثر اجتماعي لا يُستهان به
من أبرز التحديات التي يواجهها الأطفال المصابون بـ سمنة الأطفال هو التنمر داخل المدرسة أو في المحيط الاجتماعي. فالطفل ذو الوزن الزائد قد يكون مستهدفًا من البعض، وهو ما يترك آثارًا عميقة على نفسية الطفل. هذه التجارب القاسية قد تؤدي إلى انعزال الطفل عن الأنشطة الاجتماعية، وتراجع تحصيله الدراسي، بل وتزيد من احتمالية إصابته بالقلق أو الاكتئاب في مراحل مبكرة.
التنمر لا يقتصر على الكلمات الجارحة فقط، بل يمتد إلى سلوكيات مثل الإقصاء من الألعاب الجماعية أو التعامل مع الطفل على أنه مختلف عن أقرانه. ومع الوقت، قد يطور الطفل علاقة سلبية مع الطعام، فيلجأ للأكل العاطفي كوسيلة للهروب من الضغط النفسي، مما يفاقم مشكلة سمنة الأطفال بدلًا من حلها.
التصدي للتنمر يتطلب وعيًا من الأسرة والمدرسة معًا. فالأسرة عليها أن تمنح طفلها الدعم العاطفي وتعزز ثقته بنفسه، بينما على المدرسة أن توفر بيئة آمنة وصحية خالية من السخرية أو الإقصاء. كما أن إدخال الطفل في برامج دعم نفسي أو أنشطة جماعية مشجعة قد يساعد على تقليل أثر هذه التجارب السلبية، ويمنحه فرصة للتعبير عن نفسه بعيدًا عن ضغوط الآخرين.
علاج لزيادة الوزن عند الأطفال
في مركز كونتورز الطبي، يعتمد الفريق الطبي بقيادة د. أحمد شبانة على نهج شامل لعلاج زيادة الوزن عند الأطفال، حيث لا يقتصر العلاج على تقليل الوزن فقط، بل يمتد ليشمل الدعم النفسي والاجتماعي. ومن ضمن هذه الرؤية الشاملة:
- متابعة مع طبيب الأطفال: لتقييم النمو الجسدي ومتابعة الحالة الصحية.
- استشارة طبيب الغدد: لفحص أي اضطرابات هرمونية قد تكون السبب وراء زيادة الوزن.
- المتابعة مع طبيب نفسي: لمساعدة الطفل وتعزيز ثقته بنفسه.
- هذا التكامل بين التخصصات المختلفة يساعد على وضع خطة علاجية تناسب احتياجات كل طفل بشكل فردي.
خيارات علاجية متاحة
عادةً ما يبدأ التعامل مع سمنة الأطفال عبر الوسائل التقليدية مثل:
- وضع نظام غذائي صحي ومتوازن يتناسب مع عمر الطفل واحتياجاته.
- زيادة النشاط البدني عبر الرياضة اليومية أو الألعاب الحركية.
- توفير دعم نفسي وسلوكي يساعد الطفل على التحكم في عاداته الغذائية.
لكن في الحالات المتقدمة التي تشكل خطرًا على الصحة العامة، قد يُوصى بـ جراحات السمنة. وهنا تبرز عمليات مثل التكميم الدقيق (الميني سليف) أو طي المعدة كخيارات فعالة، مع مراعاة أن القرار لا يُتخذ إلا بعد تقييم شامل للحالة الطبية والنفسية، وبمشاركة كاملة من الأسرة.
لماذا التكميم الدقيق للأطفال؟
- لأنه أقل تدخلًا جراحيًا ويُقلل من حجم المعدة بشكل آمن.
- لأنه يساهم في تقليل فرص الإصابة بالأمراض المزمنة المصاحبة للسمنة مستقبلًا.
- لأنه يندمج ضمن خطة علاجية طويلة المدى تشمل متابعة غذائية ونفسية.
رؤية شمولية لمستقبل صحي
إن دمج خبرة د. أحمد شبانة في عمليات التكميم الدقيق مع اهتمامه الخاص بـ سمنة الأطفال يعكس رؤية طبية متكاملة تتعامل مع السمنة كظاهرة متعددة الأبعاد. فـ علاج السمنة لا يتوقف عند الجراحة فقط، بل يشمل التثقيف الغذائي، الدعم النفسي، والمتابعة المستمرة لضمان نجاح العلاج على المدى الطويل.
وقفة ضد السمنة
إن سمنة الأطفال مشكلة صحية متنامية تستدعي اهتمامًا خاصًا من الأسر والأطباء على حد سواء. التشخيص المبكر، التدخل المناسب، والدعم المستمر يمكن أن يغيروا مستقبل الطفل بالكامل. ومع وجود مراكز متخصصة مثل مركز كونتورز الطبي، يصبح الطريق نحو حياة صحية أكثر وضوحًا وأقرب للتحقيق.